قالت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية إن انخفاض أسعار النفط دفع -بشكل حاد- المصافي الأمريكية، إلى زيادة مشتريات الخام السعودي، حيث من المتوقع أن يبلغ حجم الواردات نحو 1.5 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع الأخير من آذار (مارس)، بارتفاع حاد من 435 ألف برميل يوميا مستوردة بنهاية شباط (فبراير) وبداية آذار (مارس).
وكانت أسعار النفط قد أغلقت نهاية الأسبوع الماضي على أسوأ أداء أسبوعي منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث خسر خام برنت 25 في المائة، والخام الأمريكي 23 في المائة، فى ظل المخاوف المتصاعدة من انتشار فيروس كورونا وتحول أوروبا إلى بؤرة رئيسة للوباء.
وفاقم من الضغوط الهبوطية على أسعار النفط عودة دول "أوبك" وروسيا، وبقية المنتجين المستقلين، إلى الإنتاج بوفرة بعد الخروج من اتفاق خفض الإنتاج لتحالف "أوبك+"؛ ما أدى إلى تزايد حالة وفرة المعروض في الأسواق واستمرار تهاوي الأسعار، إلا أن الأسعار تلقت دعما بعد إعلان الولايات المتحدة إجراءات تحفيزية للاقتصاد الأمريكي.
وأوضح تقرير حديث لـ "بلاتس"، أن أسعار النفط تلقت تحفيزا جيدا فى ختام الأسبوع مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب؛ أن الحكومة الأمريكية ستستغل انخفاض الأسعار، وستشتري "كميات كبيرة" من الخام لملء احتياطي البترول الاستراتيجي؛ ما رفع بدوره أسعار العقود الآجلة.
وأشار إلى ارتفاع العقود الآجلة بعد الإعلان مع وصول خام برنت إلى 34.63 دولار للبرميل؛ لافتا إلى أن الأسواق تظهر مخاطر كبيرة، إذ انخفضت العقود الآجلة للنفط بأكثر من 20 في المائة عن يوم الجمعة الماضي، بعد أن بدت السوق مقبلة على زيادة كبيرة في وفرة الإنتاج.
من جانبه، رجح تقرير لـ"أويل برايس" بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية المتدهورة لأشهر وسط مساعٍ من المنتجين كافة للفوز بحصص سوقية أكبر، بينما أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى ضعف واسع فى مستويات الطلب النفطي.
ونوّه التقرير إلى أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 30.37 دولار للبرميل في الربع الثاني من هذا العام و37 دولارا للعام بأكمله.
وذكر أنه يتم تداول خام غرب تكساس الوسيط عند 33 دولارا للبرميل مرتفعا بشكل نسبي، لكنه منخفضا 25 في المائة على مدار الأسبوع الماضي بسبب ما يعد أسوأ أسبوع لأسعار النفط منذ الأزمة المالية في 2008.
وأوضح التقرير أنه بعد انهيار اتفاق خفض إنتاج "أوبك+" خفضت البنوك الكبرى توقعاتها لأسعار النفط متوقعة زيادة المعروض بشكل هائل في السوق خلال المرحلة الراهنة، وبخاصة بعد أن بدأت السعودية والإمارات وروسيا فتح صنابير الإنتاج الوفير، وعودة المنتجين للعمل بشكل فردي بعد تعثر العمل الجماعي نتيجة عدم التوافق على خفض الإنتاج وتلاشي الجهود السابقة الخاصة بمحاولة دعم تماسك الأسعار بعدما ظلت السوق على مدى أربعة أعوام تعمل فى ظل حالة من الائتلاف الكبير للمنتجين.
وسلط التقرير الضوء على تحذير صادر عن بنك "جولدمان ساكس" العالمي، الذي توقع أن تشهد السوق مستوى 20 دولارا كسعر لبرميل النفط الخام في الربع الثاني من العام الجاري، كما أبرز توقعات مماثلة لمؤسسة "ستاندرد تشارترد" تؤكد أن متوسط خام غرب تكساس الوسيط سيبلغ 32 دولارا للبرميل فقط في 2020.
ونوّه إلى تعهدات السعودية بزيادة إمدادات سوق النفط بنحو 2.6 مليون برميل إضافي من الخام بدءا من نيسان (أبريل) المقبل، بينما تعهدت الإمارات بتوفير مليون برميل إضافي؛ ما سيؤدي ذلك إلى زيادة إجمالية قدرها 3.6 مليون برميل يوميا في إمدادات النفط من دول "أوبك"، في الوقت الذي يعاني فيه الطلب العالمي انخفاضا واسعا بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
وعدّ تقرير "أويل برايس" أن السوق تواجه موجة قوية من تراجع أسعار النفط كرد فعل طبيعي بعد النهاية المفاجئة لاتفاق "أوبك+" خلال الاجتماع الوزراي المتعثر الأسبوع الماضي فى فيينا، مشيرا إلى أن روسيا؛ الحليفة السابقة لمنظمة "أوبك"، تستعد من جانبها إلى رفع إنتاجها النفطي بمقدار 200 إلى 300 ألف برميل يوميا على المدى القصير مع احتمال الوصول إلى زيادة تصل إلى 500 ألف برميل يوميا.
ونوّه التقرير إلى تعثر عديد من المشروعات النفطية الجديدة وتقلص أنشطة الحفر، خاصة في الولايات المتحدة، التي لا تستطيع أغلب الشركات الصخرية التأقلم مع المستوى الحالي للأسعار عند منتصف الثلاثينيات من الدولارات، بينما تصل تكلفة الإنتاج لدى بعضها إلى نحو 50 دولارا للبرميل أو أكثر، موضحا أن الشركات الأمريكية كانت بالفعل قبل أزمة كورونا الأخيرة تعاني صعوبات في التمويل، خاصة بالنسبة لصغار المنتجين؛ ما أدى إلى حالة محلوظة من التباطؤ فى النمو، مقارنة بأعوام أخرى سابقة سجل فيها «الصخري» مستويات قياسية في الارتفاع خاصة من حقل بريميان الرئيس.
وكانت أسعار النفط قد اختتمت الأسبوع الماضي على أسوأ أداء أسبوعي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 متأثرة بتفشي فيروس كورونا وسط مخاوف من تباطؤ الطلب وتوقعات بزيادة قياسية في المعروض.
وتسبب المزيج النادر من صدمات العرض والطلب في انهيار سوق الخام مع تأهب المنتجين في أنحاء العالم لتخمة نفطية غير متوقعة خلال الأسابيع المقبلة.
وارتفعت الأسعار في معاملات الجمعة الماضي، منتعشة بعد أن أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى خططاً لدعم الاقتصادات الآخذة في الضعف، لكن خام برنت نزل 25 في المائة على مدار الأسبوع، في أكبر خسائره الأسبوعية منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وبحسب "رويترز"، ارتفع «برنت» 63 سنتا؛ ليتحدد سعر التسوية على 33.85 دولار للبرميل، بينما ارتفع غرب تكساس 23 سنتا؛ ليغلق على 31.73 دولار للبرميل، وكانت العقود الآجلة للخام الأمريكي قد تراجعت نحو 23 في المائة على مدار الأسبوع، وهي أكبر خسارة لها بالنسبة المئوية منذ 2008.
واستمدت أسواق النفط والأسهم بعض الدعم من الآمال في حزمة تحفيز أمريكية قد تخفف الصدمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا.
وقال فيل فلين؛ المحلل لدى «برايس فيوتشرز جروب» في شيكاغو: "ثمة أمل أن كل هذا التحفيز سيجلب الاستقرار للاقتصاد ويخفف بعض بواعث القلق حيال ضعف الطلب ويُبقي على أجزاء من الاقتصاد قوية بما يكفي لدعم أسعار النفط".
ورفعت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية العاملة للأسبوع الرابع في خمسة أسابيع على الرغم من أن شركة إكسون موبيل قالت إنها ستنضم إلى منتجين آخرين وتقلص عمليات الحفر الجديدة هذا العام.
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، بأن شركات الطاقة أضافت أربعة حفارات نفطية في الأسبوع الماضي؛ ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 682 حفارا، وهو أعلى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر).
ويمثل هذا انخفاضا 18 في المائة، مقارنة بالأسبوع نفسه قبل عام حين كان عدد الحفارات العاملة 834 حفارا.
وقالت "إكسون"، التي يقول محللون إنها تشغل معظم حفارات النفط الأمريكية، إنها ستخفض نحو 20 في المائة من 58 حفارا تقوم بتشغيلها في الحوض البرمي هذا العام، والحوض البرمي الواقع في غرب تكساس وشرق نيو مكسيكو هو أكبر حوض للنفط الصخري في البلاد.
وفي 2019، تراجع عدد الحفارات النفطية، وهو مؤشر مبكر للإنتاج في المستقبل، بواقع 208 حفارات في المتوسط بعد أن ارتفع بمقدار 138 في 2018 مع قيام شركات التنقيب والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع سعي المساهمين إلى عوائد مالية أفضل، في ظل وضع تنخفض فيه أسعار الطاقة.
وخلص مسح لـ "رويترز" إلى أن أسعار النفط تتجه إلى أن تقبع قرب المستويات المنخفضة الحالية خلال الأشهر المقبلة، إذ إن تعثر اتفاق بالمنتجين للحد من الإنتاج يضر بسوق مترنحة أصلا بسبب هبوط الطلب الناجم عن فيروس كورونا.
وخفض محللون في استطلاع الرأي السريع توقعاتهم لأسعار خام برنت، إلى 42 دولارا للبرميل في المتوسط هذا العام مقابل 60.63 دولار في المتوسط في استفتاء شباط (فبراير) الشهري.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي نحو 34.87 دولار في الربع الثاني و39.05 دولار في الربع الثالث قبل أن يسترد بعض القوة ويصل إلى 44.08 دولار في الربع الأخير من العام.