توقع البنك الدولي أمس ارتفاع أسعار الطاقة العالمية بنحو 25 في المائة العام المقبل، مشيرا إلى أن متوسط سعر برميل النفط الخام قد يصل إلى 55 دولارا في 2017، لينقح البنك بذلك توقعاته السابقة للأسعار، مضيفا زيادة قدرها دولاران وذلك في أعقاب تحرك الدول المنتجة للنفط نحو الحد من الإنتاج.
وبحسب "الألمانية"، فقد استقر متوسط سعر برميل النفط في العام الجاري عند 43 دولارا، وقال المختص الاقتصادي جون بافيس "نتوقع ارتفاعا قويا في أسعار الطاقة وعلى رأسها النفط بحلول العام المقبل".
وسترتفع أسعار النفط والغاز الطبيعي والفحم بنحو 25 في المائة وسط ارتفاع أسعار السلع، حيث ستشهد أسعار المعادن ارتفاعا يقدر بنحو 4.1 في المائة.
وكانت التكاليف المنخفضة للخامات في الأعوام القلائل الماضية قد أضرت بالدول النامية التي تعتمد على الصادرات بما في ذلك فنزويلا ونيجيريا الغنيتان بالنفط.
وارتفعت أسعار النفط أمس مع تجديد روسيا التزامها بالانضمام إلى تثبيت الإنتاج لكبح تراجع الأسعار المستمر منذ عامين لكن صعود الدولار القوي حد من المكاسب، كما لاقت الأسعار دعما من مؤشرات على شح أسواق الوقود الحاضرة بعد تخمة معروض لعامين.
وبحسب "رويترز"، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 12 سنتا إلى 51.50 دولار للبرميل، فيما سجل الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 50.65 دولار للبرميل مرتفعا سنتين عن التسوية السابقة.
وتعقد منظمة البلدان المصدرة للبترول اجتماعا في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) للتوصل إلى موقف مشترك بشأن فرض قيود على إنتاج النفط، ومن المتوقع أن يسفر ذلك عن تحديد حجم مشاركة كل عضو في تثبيت الإنتاج، وقد تتفق "أوبك"على خفض إنتاج النفط بين نصف مليون ومليون برميل يوميا، وتأمل أن يتعاون المنتجون المستقلون وبخاصة روسيا.
ولاقت الأسعار خلال الأسبوع المنصرم دعما من انخفاض المخزونات الأمريكية، بعدما ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت الأسبوع الماضي بينما زادت مخزونات البنزين وهبط مخزون نواتج التقطير.
وهبطت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بواقع 912 ألف برميل يوميا، وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة انخفاض مخزونات نواتج التقطير التي تتضمن وقود الديزل وزيت التدفئة بواقع 1.2 مليون برميل مقابل توقعات بانخفاض قدره 1.6 مليون برميل.
وزادت مخزونات البنزين 2.5 مليون برميل يوميا مقابل توقعات بانخفاض قدره 1.3 مليون برميل في استطلاع، وقالت الإدارة "إن مخزونات النفط الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج في أوكلاهوما هبطت 1.635 مليون برميل، وانخفض استهلاك المصافي من الخام بواقع 182 ألف برميل يوميا، كما هبطت معدلات تشغيل المصافي بواقع 0.5 نقطة مئوية".
إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة "شولر بلكمان" لمعدات الحقول النفطية "إن تراجع قطاع النفط بلغ مداه"، مشيرا إلى ارتفاع عدد الحفارات العاملة، وأوضح جيرالد جرومان خلال مؤتمر للمستثمرين "أفترض أنه بتوازن العرض والطلب في العام المقبل فإن 2019-2018 قد يكون عاما بالغ الإثارة بالنسبة إلينا" مضيفا أنه "لا يتوقع طلبيات كبيرة من إيران في العام المقبل رغم زيادة الإنتاج هناك".
وتزايدت حدة المنافسة بين الدول المنتجة للنفط على جذب استثمارات أجنبية على مدى السنوات الخمس الماضية نظرا لاكتشافات كثيرة لاحتياطيات جديدة من الطاقة في دول مثل البرازيل والولايات المتحدة. ويشير تقرير نفطي إلى أن الشركات العالمية لا تظهر بوادر لزيادة نفقاتها الرأسمالية في عمليات المنبع "الاستكشاف والإنتاج " خلال عام 2017، مبينا أن إجمالي الاستثمارات العالمية في جميع قطاعات الطاقة انخفضت 8 في المائة إلى 1.8 تريليون دولار عام 2015، وبلغ إجمالي الاستثمارات في قطاعات النفط والغاز والفحم 900 مليار دولار 2015 بانخفاض 18 في المائة عن عام 2014.
وأوضح التقرير أن أكبر انخفاض على مستوى العالم كان ما شهده قطاع النفط والغاز في أمريكا الشمالية وهو ما ساعد الصين على تصدر قائمة إجمالي استثمارات الطاقة بعدما كانت الولايات المتحدة في الصدارة على مدى السنوات الثلاث السابقة.
وأكد التقرير الذي أعده المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية ومقره الكويت، أن هذا الانخفاض على مدى عامين لم يحدث منذ 40 عاما وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية، مشيرا إلى أن استثمارات النفط والغاز بلغت 583 مليار دولار عام 2015.
ومثلت الولايات المتحدة نصف التراجع في الاستثمار العالمي في الطاقة مع إجمالي إنفاق بلغ 280 مليار دولار خلال عام 2015 بانخفاض نحو 75 مليار دولار من العام السابق وتراجع الاستثمار في صناعة النفط الصخري على وجه الخصوص نسبة 52 في المائة.
وفي ظل بقاء تكاليف إنتاج النفط في الشرق الأوسط وروسيا على مستوى عال نسبيا فقد تمكنت شركات النفط والغاز الروسية المحلية وشركات الشرق الأوسط من زيادة حصتها من الاستثمارات في التنقيب عن النفط والغاز لتصل إلى 44 في المائة، موضحا أن روسيا استطاعت الحفاظ على مستوى مستقر من إنتاج النفط وصل إلى أعلى مستوياته منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
وحول مشاريع التحويل كالتكرير والغاز الطبيعي المسال أفاد المركز في تقريره بأنها تواجه نفس الوضع، ومن المتوقع تراجع الاستثمار في تسييل الغاز الطبيعي المسال في عام 2016 بنسبة 30 في المائة بعد أن بلغ ذروته عند 35 مليار دولار في عامي 2014 و2015.
وأكد أنه حتى الطاقة الإنتاجية الفائضة في تكرير النفط، هي الآن أقل مما كانت عليه قبل بضع سنوات بسبب تأجيل المشاريع وإغلاق بعض المرافق.
وأوضح أن الاستثمارات العالمية عند مستواها الحالي ربما لا تكفي للحفاظ على مستوى إنتاج النفط والغاز بما يشير إلى اتجاه الأسواق نحو تقلص المعروض، مشيرا إلى أن أسواق النفط ستستعيد توازنها قبل أسواق الغاز، حيث تكبح الاستثمارات في القطاعات المنخفضة الكربون الطلب على الغاز.
وحول تخمة المعروض، توقع المركز أن تظل أسواق النفط العالمية متخمة بالمعروض حتى النصف الأول من عام 2017 على أقل تقدير، موضحا أن الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة المنخفضة الكربون بلغت 315 مليار دولار في عام 2015 لتشكل 17 في المائة من إجمالي الاستثمارات.
وأشار إلى أن اكتشافات النفط تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1952 وأصبح الاقتصاد العالمي يعتمد بشكل خطير على إمدادات الخام من النقاط السياسية الساخنة، كما تراجعت بنسبة 47 في المائة على أساس سنوي حتى شهر مايو من عام 2016، فيما انخفض عدد منصات الحفر العالمية بنحو 22 نقطة مئوية لتصل إلى 73 في المائة في غضون عامين.
ولفت إلى أن معظم الاحتياطيات الجديدة تم العثور عليها في المياه العميقة حيث تأخذ حقول النفط متوسط سبع سنوات للبدء في الإنتاج، الأمر الذي يشكك في قدرة الشركات على زيادة إنتاجها من النفط حتى عام 2020.