قالت منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» إن سوق النفط الخام مقبل دون شك على مرحلة نمو واسع في الطلب يفوق السنوات الماضية بمستويات كبيرة، مشيرة إلى أن الدورة الاقتصادية الحالية بلغت أقصى مستوى نزولي وأن السوق في طريقه إلى التعافي واستعادة مستويات جيدة للطلب على النفط الخام.
وأوضح تقرير حديث لـ “أوبك” - نقلا عن باول هورسنل مدير الأبحاث في بنك “ستاندرد تشارتريد”- أن منظومة العرض والطلب في الولايات المتحدة تغيرت على نحو كبير في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن توقعات نمو الطلب على النفط في الولايات المتحدة ضعيفة كما أن شكوكا واسعا تخيط بمستقبل المعروض الأمريكي عالي التكلفة.
وذكرت«أوبك» إن التقرير السنوي للمنظمة الذي يتم إطلاقه رسميا في أبوظبي في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل سيقدم استعراضا وتحليلا عميقا لمستقبل صناعة النفط العالمية كما سيوفر تقييما شاملا للسيناريوهات المختلفة المتعلقة بتنمية صناعة النفط الخام في الأجلين المتوسط والطويل.
وأشارت "أوبك" إلى أن التقرير السنوي – الذي يطلق على هامش مؤتمر ومعرض "أديبك" في أبوظبي - يعد مرجعا مهما ويوفر نظرة ثاقبة وموضوعية على مشروعات المنبع والمصب كما يمثل تقييما وافرا للأمور المتعلق بالعرض والطلب والتكاليف والاستثمارات والأثر المحتمل لسياسات الطاقة وسبل تحقيق التنمية المستدامة كما يوفر دراسات متعمقة وتحليل الخبراء فيما يخص العديد من التحديات المختلفة وكذلك الفرص التي تواجه صناعة النفط العالمية.
وأفاد التقرير بأن فكرة إدارة السوق من قبل المنتجين الرئيسيين تغيرت كثيرا عن الماضي حيث كانت السوق متروكة لآليات العرض والطلب على مدار العامين الماضيين إلا أن مؤتمر الجزائر الأخير ربما يدشن لمرحلة جديدة وشكل أوسع من التنسيق بين المنتجين.
وبحسب التقرير فإن حالة فقدان التوازن في السوق ربما تدفع المنتجين في المرحلة المقبلة من أجل التدخل لإعادة التوازن للسوق، مشيرا إلى أن ملامح السوق تغيرت كثيرا عن الفترة السابقة وأن مهمة إعادة التوازن ليست ملقاة بالكامل على عاتق "أوبك" بل تعتمد أيضا على مدى استجابة وتعاون المنتجين من خارج المنظمة، حيث فرضت ظروف السوق على المنتجين أصحاب التكلفة العالية اللجوء إلى خفض الإنتاج.
وحول مستقبل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، أشار التقرير إلى أنه من الصعب التنبؤ بتطورات إنتاج الصخري الزيتي لأن هذا الإنتاج في الإجمال هو تجربة حديثه على السوق لم نعايشها من قبل، حيث لا توجد لدينا تجارب وخبرات سابقة حول تفاعل إنتاج النفط الصخري الزيتي مع التباطؤ والتراجع الحاد في دورات الأسعار، كما لا توجد لدينا خبرات عن تعامل النفط الصخري مع نظم التمويل أو التغيرات في نماذج الأعمال في الشركات وهي بالخلاصة تجربة في حالة تغير مستمر وهو ما يجعلها مثيرة للاهتمام للغاية.
وأوضح التقرير أن السوق يعيش حاليا مرحلة التقلبات السعرية وهذا أمر طبيعي إذا نظرنا إلى تاريخ الدورات الاقتصادية السابقة ومنحنى الأسعار الذي يهبط ثم يعاود الارتفاع مرة أخرى، مشددا على أهمية التركيز على مستقبل السوق خاصة خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث من الضروري التركيز على إعادة بناء جسور الثقة بين المنتجين وتحقيق مستوى مناسب من التوافق في الآراء وبالتحديد بشأن ما يجب أن يكون السعر المناسب لبرميل النفط الخام حيث سيسهل هذا الأمر اتخاذ قرارات الاستثمار على المدى الطويل.
ويرى التقرير أن الدورة الاقتصادية الحالية في سوق النفط مختلفة كثيرا عن الدورات السابقة التي كانت أغلبها نتيجة هبوط حاد وصادم للسوق في مستويات الطلب بينما الدورة الحالية جاءت نتيجة وفرة غير متوقعة في المعروض نتيجة طفرة واسعة في الموارد.
وأضاف تقرير "أوبك" أنه خلال عامي 1985-1986، حدث تراجع حاد في الأسعار بسبب حدوث تقلصات حادة في الطلب واستمرت في مستويات صعبة على مدار خمس سنوات لاحقة، ما أدى إلى إضعاف الطلب نتيجة تفاعل السوق مع الأزمة المالية الآسيوية وحالة الطلب الضعيفة.
وذكر التقرير أنه في عام 2008 وقعت الأزمة المالية العالمية وكان هذا العام كارثيا على الاقتصاد الدولي حيث شهد انهيارا مفاجئا في الطلب ما جعل هذه الدورة مختلفة بعض الشيء ولكن السوق تعافى تدريجيا من هذه الأزمة رغم امتداد تداعياتها لعدة سنوات لاحقة كما أن الطلب ينمو حاليا بمعدلات جيدة واستفاد من تراجع الأسعار الذي حدث في الدورة الأخيرة.
وقال التقرير إن البعض بدأ يقلق بشأن مستويات الطلب التي قد ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة بسبب النمو السكاني وقد تتفوق على المعروض ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على نحو حاد، مشيرا إلى أن السوق خاصة دول الاستهلاك تتطلع إلى بقاء أسعار النفط الخام منخفضة لفترة طويلة ولن يتحقق ذلك إلا بزيادة الإنتاج وتعزيز الاستثمارات لتلبية احتياجات الطلب المتزايدة.
وألمح التقرير إلى أن السوق يعيش مرحلة وفرة الموارد وتخمة المعروض وهي حالة تحتاج إلى بعض الوقت لتحقيق التوازن المنشود في السوق، مضيفا أن منتجي النفط الصخري في حالة ترقب للإجراءات التي سوف تتخذها "أوبك" لإعادة التوازن في السوق ولكننا نشهد بالفعل زيادة في أنشطة الحفر الامريكية مع توالي التحسن التدريجي في مستوى الأسعار.
من ناحية أخرى، وفيما يخص أسعار النفط، فقد شهدت نهاية تعاملات الأسبوع الماضي تغلب العوامل الإيجابية الداعمة لأسعار النفط على العوامل السلبية الضاغطة عليها والتي تحول دون تعافي السوق.
واختتم الأسبوع على ارتفاعات سعرية بسبب القناعة الواسعة بوجود تحركات جدية من المنتجين لاستعادة أسعار مرتفعة وتحقيق التوازن المنشود بين العرض والطلب.
ولم يحول استمرار ارتفاع أنشطة الحفر في الولايات المتحدة دون استمرار تحسن الأسعار مع تواصل الاتصالات والتنسيق بين كبار المنتجين وعلى رأسهم السعودية وروسيا، اللتان تبدآن هذا الأسبوع مباحثات مكثفة في الرياض يعقبها قبل نهاية الشهر الجارى اجتماع للجان الفنية في دول "أوبك" وخارجها في فيينا للإعداد للاجتماع الوزاري المقبل، الذي تعلق عليه الآمال في خفض الإنتاج والحد من تخمة المعروض ومن فائض المخزونات الذي بدأ بالفعل مرحلة الانحسار التدريجي.
وارتفع النفط في تسوية الجمعة بفعل آمال بتوصل منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا إلى اتفاق بشأن مبادرات لدعم السوق تهدف إلى الإبقاء على سعر الخام فوق مستوى 50 دولارا للبرميل على الرغم من أن متعاملين حذروا من ضغوط من ارتفاع في خانة العشرات في عدد منصات الحفر الأمريكية.
وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إنه سيقدم مقترحات لنظيره السعودي خالد الفالح بشأن إجراءات تصب في مصلحة دعم الأسعار قد يكون من بينها تثبيت مستويات إنتاج النفط.
ويتشكك بعض المتعاملين في التزام روسيا بعدما قال نوفاك إن بلاده قد تنتج ما يصل إلى 11 مليون برميل من النفط يوميا العام المقبل لتسجل بذلك مستوى قياسيا جديدا هو الأعلى منذ حقبة الاتحاد السوفياتي السابق، كما أن "أوبك" هي الأخرى بقيادة المملكة العربية السعودية تضخ كميات قياسية من الخام أو تقترب من ذلك.
وبحسب "رويترز"، فقد جرت تسوية خام القياس العالمي مزيج برنت بارتفاع قدره 40 سنتا أو ما يعادل 0.8 في المائة إلى 51.78 دولار للبرميل لكنه أغلق دون تسجيل تغير يذكر على أساس أسبوعي.
وجرت تسوية خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي على ارتفاع بواقع 22 سنتا أو ما يعادل 0.4 في المائة إلى 50.85 دولار للبرميل، وأنهى خام غرب تكساس الوسيط هذا الأسبوع مرتفعا بنسبة 1 في المائة.
وارتفعت أسعار النفط أكثر من 13 في المائة منذ 27 أيلول (سبتمبر) -بعدما سجلت في شباط (فبراير) أدنى مستوى في 12 عاما عند نحو 26 دولارا للبرميل - وذلك بعد أن أعلنت "أوبك" للمرة الأولى في ثماني سنوات عن خطط لتقييد الإنتاج من أجل تقليص تخمة المعروض من الخام في الأسواق العالمية التي أدت إلى هبوط الأسعار أكثر من 50 في المائة منذ منتصف 2014 عندما تجاوزت وقتها 100 دولار للبرميل.
وحذر محللون من أن شركات الحفر الأمريكية المعنية بإنتاج النفط الصخري المسؤولة عن جزء كبير من تلك التخمة في المعروض قد تزيد نشاطها حالما تعود أسعار الخام فوق مستوى 50 دولارا للبرميل.
وارتفع عدد منصات الحفر الباحثة عن النفط في الولايات المتحدة مجددا هذا الأسبوع ليواصل ثاني أفضل موجة من عدم تقليص عدد الحفارات على مدى 17 أسبوعا متتاليا ويتوقع المحللون المزيد من الارتفاع مع تجاوز سعر الخام 50 دولارا للبرميل.
وأفادت شركة بيكر هيوز" لخدمات الطاقة أن عدد منصات الحفر النفطية الأمريكية زاد بواقع 11 منصة في الأسبوع المنتهي في 21 تشرين الأول (أكتوبر) ليصل إجماليه إلى 443 منصة وهو أعلى مستوى منذ شباط (فبراير) لكنه ما زال دون عدد المنصات التي كانت تعمل في الأسبوع المقابل من العام الماضي البالغ 594 منصة. وهذه الفترة التي لم تشهد انخفاضا في عدد منصات الحفر على مدى 17 أسبوعا تماثل أخرى في 2010 ما يجعلها ثاني أطول موجة من نوعها منذ 1987 بعد فترة استمرت 19 أسبوعا في 2011.
وهوى عدد منصات الحفر الأمريكية من مستوى قياسي بلغ 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 إلى أدنى مستوى له في ست سنوات عند 316 منصة في أيار (مايو) بعدما انهارت أسعار الخام من فوق 107 دولارات للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 إلى نحو 26 دولارا في شباط (فبراير) 2016 بسبب تخمة المعروض من الخام في الأسواق العالمية.
لكن بعد أن قفز الخام الأمريكي لفترة وجيزة فوق 50 دولارا للبرميل في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) زادت الشركات عدد منصات الحفر بواقع 127 منصة، ويقول محللون إن الأسعار التي تتجاوز 50 دولارا كافية لدفع شركات الطاقة للعودة إلى الإنتاج.
وتجاوزت أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكي 50 دولارا للبرميل معظم هذا الأسبوع بدعم من استمرار الحديث عن اتفاق لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" على خفض إنتاج النفط وانخفاض غير متوقع في مخزونات الولايات المتحدة من الخام للأسبوع السادس في سبعة أسابيع.