15/10/2017
توقع تقرير "ماكينزي إنرجي" الدولي حدوث نمو واسع في مشروعات إنتاج النفط الخام من المياه العميقة في العام المقبل، ما يمكن من زيادة الإمدادات النفطية في العالم بأكثر من 500 ألف برميل يوميا حتى حلول عام 2022 كاشفا عن أن هذه الزيادة في الإمدادات الجديدة لن تكون كافية لمعالجة فجوة العرض المتوقعة في السنوات المقبلة بسبب فترة انكماش الاستثمار السابقة.
ورجح التقرير الدولي أن تسبب حالة التباطؤ الاستثماري النسبي الحالي في تصاعد أسعار النفط إلى مستوى نحو 70 دولارا للبرميل خلال الفترة ما بين عامي 2022 و2024، مشيرا إلى أنه بعد ذلك ستفعل من جديد جهود المنتجين في إعادة التوازن بين العرض والطلب مما سيؤدى إلى تراجع الأسعار إلى مستوى ما بين 60 و65 دولارا للبرميل على المدى الطويل.
وأكد التقرير الدولي - ذو الموثوقية الكبيرة - أن تراجع أسعار النفط العالمية في السنوات الماضية أدى إلى حدوث انخفاض سريع في عدد المشاريع النفطية خاصة ما يتعلق بقرارات الاستثمار النهائية ولكن الوضع الاستثماري الحالي أفضل بكثير حيث بدأت تظهر علامات عودة الانتعاش مرة أخرى.
وبحسب التقرير فإنه على الرغم من موجة الانتعاش الحالية إلا أن تدفقات النفط من المتوقع أن تكون أقل بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة، لافتا إلى أن الأسواق ستظل في حالة ضيق وانكماش في العرض خلال المدى من ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة.
وذهب التقرير إلى توقع أن تسجل أسعار الخام مستوى 70 دولارا للبرميل في المدى المتوسط، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار سينعش مشروعات المياه العميقة مما سيؤدى إلى نمو الناتج العالمي من النفط، ولكن السوق ستظل تكافح من أجل معالجة فجوة العرض مع الطلب حيث من المتوقع أن يشهد الطلب تسارعا ملموسا في السنوات المقبلة لا يواكبه نمو العرض بالوتيرة نفسها.
ونوه التقرير إلى أنه من المرجح أن يؤدي خفض الاستثمارات في مشروعات المنبع إلى نقص في المعروض النفطي على المدى المتوسط، لافتا إلى أن الاستثمارات العالمية في مشروعات المنبع النفطية عانت تخفيضات كبيرة بسبب بيئة أسعار النفط المنخفضة وهو الأمر الذي أدى بدوره إلى تراجع نمو الإمدادات النفطية على المستوى الدولي.
وسلط التقرير الضوء على انخفاض النفقات الرأسمالية في مشروعات النفط والغاز من 800 مليار دولار في عام 2014 إلى 400 مليار دولار في عام 2016 كما انخفض الإنفاق العالمي على أنشطة التنقيب والتقييم بنسبة 40 في المائة ليصل إلى 11.2 مليار دولار بين عامي 2014 و2016 وفي الوقت نفسه تعطل كثير من القرارات الاستثمارية في عام 2016 كما حدث بالفعل في عام 2014، قبل أن تحدث الانتعاشة الحالية في 2017.
وأفاد التقرير الدولي بأن إحصائيات وأرقام إدارة الاستثمار الدولي العالمية تظهر علامات جيدة على انتعاش استثماري تحقق في 2017 خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الأصغر حجما التي تتطلب قدرا أقل من رأس المال والتي دخلت بالفعل إلى مرحلة الانطلاق.
واستدرك التقرير قائلا: إن التقديرات الاقتصادية تذهب إلى أن خفض الإنفاق الاستثماري الواسع والسابق سيؤدي إلى انخفاض حجم 50 – 60 في المائة من المشروعات الجديدة على مدى ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة مقارنة بمتوسط المشروعات النفطية في السنوات ما بين عامي 2010 و2014.
وذكر التقرير الدولي أنه بناء على ذلك، فإنه من المتوقع أن يسهم انخفاض الاستثمار وانكماش الإنتاج في ضيق حجم الأسواق خلال العامين القادمين مشددا على أنه لا يكفي الإنتاج من المشاريع الجديدة التي دخلت حيز بدء الإنتاج بعد عام 2014 في معالجة الفجوة المتوقعة في مستويات العرض من النفط، مشيرا إلى أنه في الواقع فإن عملية سد هذه الفجوة سيأتي أكثر من 60 في المائة منه من الإنتاج الجديد من المنتجين خارج منظمة أوبك من المشاريع التي اتخذت قراراتها الاستثمارية وبدأت الإنتاج قبل عام 2014.
وأفاد التقرير الدولي - المتخصص في بحث قضايا الاستثمار في مجال الطاقة التقليدية – بأنه يمكن لمشاريع المياه العميقة أن توفر صعودا للناتج العالمي من النفط، ولكنها ستكافح من أجل معالجة فجوة العرض المتوقعة بسبب انكماش الاستثمارات بشكل عام.
وأكد التقرير أن مشروعات المياه العميقة تعزز الإمدادات العالمية حيث إن مشاريعها التي تم إقرارها في عام 2017 تحقق أحجام إمدادات أكبر بعدما تعافت من الصعوبات والانكماشات الحادة والعراقيل التي فرضت عليها مع انهيار الأسعار في 2014.
وأضاف التقرير أن كثيرا من المشروعات وبالأخص في المياه العميقة نجحت في ضغط التكاليف للتغلب على انخفاض أسعار النفط، وكانت أسوأ أعوام الجمود في مشروعات المياه العميقة هو عام 2016 قبل أن تتحسن ظروف السوق نسبيا في عام 2017.
وبحسب التقرير فإنه في الوقت نفسه عانت مشاريع المياه العميقة الأصغر نكسة بسيطة مع انخفاضها إلى 19 مشروعا في عامي 2016 و2017 مقارنة بـ 22 مشروعا في عام 2014.
وقال التقرير الدولي إنه على الرغم من الاتجاه الهبوطي في الاستثمار في المنصات البحرية إلا أنها تميل إلى أن تكون الأقوى والأكثر فعالية إنتاجية خاصة بعد نجاح جهود رفع الكفاءة الإنتاجية وتحقيق الكثير من الوفورات في التكاليف ما هبط بسعر التعادل من فوق 50 دولارا للبرميل إلى مستوى نحو 40 دولارا للبرميل.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، فقد ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى تسوية في تشرين الأول (أكتوبر) وسط أنباء مثيرة للتفاؤل حول قوة الطلب الصيني إلى جانب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعدم الإقرار بأن إيران تمتثل إلى الاتفاق النووي وتوترات أخرى في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب "رويترز"، فقد زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 92 سنتا، أو ما يعادل 1.6 في المائة، إلى 57.17 دولار للبرميل في التسوية بينما ارتفع الخام الأمريكي 85 سنتا، أو 1.7 في المائة، إلى 51.45 دولار للبرميل.
ووضع ذلك العقدين عند أعلى مستوى تسوية منذ 29 أيلول (سبتمبر)، وخلال الأسبوع، زاد خام برنت نحو 3 في المائة بينما ارتفع الخام الأمريكي بأكثر من 4 في المائة.
وبلغت واردات الصين النفطية تسعة ملايين برميل يوميا في الشهر الماضى حسبما أظهرت البيانات، وبلغ متوسط حجم الواردات 8.5 مليون برميل يوميا بين كانون الثاني (يناير) وأيلول (سبتمبر)، وهو ما عزز مكانة الصين كأكبر مستورد للنفط في العالم.
وتلقت الأسعار دعما من التوترات في العراق، التي تزيد منذ أن صوت الأكراد بأغلبية لمصلحة الاستقلال في 25 أيلول (سبتمبر)، وقال كوسرت رسول نائب رئيس إقليم كردستان العراق إن السلطات الكردية أرسلت تعزيزات بآلاف الجنود إلى منطقة كركوك النفطية للتصدي "لتهديدات" من الحكومة المركزية العراقية.
من جانبها، خفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة للأسبوع الثاني على التوالي في تواصل لتراجع أنشطة الحفر المستمر منذ شهرين على الرغم من ارتفاع أسعار الخام فوق 50 دولارا للبرميل.
وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة إن الشركات قلصت عدد منصات الحفر النفطية بواقع خمس حفارات في الأسبوع المنتهي في 13 تشرين الأول (أكتوبر) ليصل العدد الإجمالي إلى 743 منصة، وهو الأدنى منذ أوائل حزيران (يونيو).
وعدد الحفارات، الذي يعد مؤشرا مبكرا على الإنتاج في المستقبل، ما زال أكبر من 432 حفارة كانت عاملة قبل عام بعد أن عززت شركات الطاقة خطط الإنفاق في وقت سابق من العام في ظل توقعها لارتفاع أسعار الخام في الأشهر المقبلة.
وقلصت بعض شركات التنقيب والإنتاج خطط استثمارها لعام 2017 خلال الأشهر القليلة الماضية بعد أن هبطت أسعار الخام في أيار (مايو) دون 50 دولارا للبرميل، لكنها ما زالت تخطط لإنفاق المزيد من الأموال هذا العام مقارنة مع العام الماضي.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت الأسبوع الماضي مع زيادة مصافي التكرير الإنتاج في حين ارتفعت مخزونات البنزين وتراجعت مخزونات نواتج التقطير.
وهبطت مخزونات الخام 2.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) مقارنة بتوقعات المحللين لانخفاض قدره مليونا برميل، وقالت الإدارة "إن مخزونات الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج في أوكلاهوما زادت 1.3 مليون برميل إلى 63.78 مليون برميل.
وزاد استهلاك مصافي التكرير من الخام 229 ألف برميل يوميا مع ارتفاع معدلات التشغيل 1.1 نقطة مئوية، وزادت مخزونات البنزين 2.5 مليون برميل مقارنة بتوقعات محللين بانخفاض قدره 480 ألف برميل.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، انخفضت 1.5 مليون برميل مقابل توقعات لهبوط قدره 2.2 مليون برميل، وتراجعت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي 1.1 مليون برميل يوميا إلى 6.35 مليون برميل.
ومن المتوقع ارتفاع الإنتاج الأمريكي إلى 9.2 مليون برميل يوميا في 2017 وإلى مستوى قياسي عند 9.9 مليون برميل يوميا في 2018 من 8.9 مليون برميل يوميا في 2016، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو إنتاج الخام الأمريكي 470 ألف برميل يوميا هذا العام و1.1 مليون برميل يوميا في 2018.
ورجحت وكالة الطاقة أن تكون مخزونات النفط التجارية قد تراجعت في الربع الثالث من العام الحالي في انخفاض هو الثاني فقط منذ انهيار سعر الخام في 2014 وذلك بفضل تراجع كميات النفط في المخزونات العائمة أو المنقولة.
وأوضحت الوكالة أن المخزونات التجارية لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفضت في آب (أغسطس) 14.2 مليون برميل إلى 3.015 مليار برميل ليصبح مستوى الفائض 170 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات.
واستقر معروض "أوبك" دون تغير يذكر في سبتمبر عند 32.65 مليون برميل يوميا لكنه انخفض 400 ألف برميل يوميا عنه قبل عام ما يعني أن نسبة التزام المنظمة بخفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا بلغت 88 في المائة الشهر الماضي و86 في المائة منذ بداية العام حسبما ذكرت الوكالة.
واتفقت "أوبك" مع شركائها، بمن فيهم روسيا وسلطنة عمان وقازاخستان، على خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا حتى مارس من العام المقبل، وقالت الوكالة "ما من شك في أن كبار المنتجين جددوا الالتزام بفعل كل ما يلزم لتعزيز السوق ودعم عملية إعادة التوازن الطويلة. وقد تم تحقيق الكثير صوب إعادة التوازن إلى السوق لكن البناء على هذا النجاح في 2018 سيتطلب انضباطا مستمرا".